الأحد، 27 يونيو 2010

مطر


كانا جالسين جنبا إلى جنب، يستمعان إلى أغانيهما المفضلة ويتأملان حقول الأزهار البرية الصفراء الممتدة على مدى البصر، مخضبة بمساحات متفرقة من أزهار شقائق النعمان ، بينما تلتهم عجلات السيارة الطريق بنهم، فقد كانا مدعوين إلى حفلة عائلية ، ولا بد أن يكونا في الموعد، لذلك كان يضغط على دواسة البنزين ليصلا في الوقت المحدد، لم ينبسا ببنت شفة، لكن روحيهما ظلتا تتواصلان بشكل حميمي، أحيانا يكون حديث الروح للروح أبلغ من أي كلام، وشيئا فشيئا كانت السحب المتراكمة تتجمع في السماء استعدادا لوليمة المطر..

قطرة سقطت على زجاج النافذة … ثم قطرة أخرى ، تلتها قطرات.. وانهمر المطر..

ضغطت على زر النافذة، فانهال عطر الأرض مضمخا بعبير الأعشاب والأزهار البرية..

نظرت إليه، وكأنه قرأ ما يجول بخاطرها.. ركن السيارة على جانب الطريق، أوقف المحرك..

خرجا من السيارة، لم يأبه لبذلته الجديدة، ولا هي اهتمت بفستانها الأنيق، ولا لتسريحة شعرها، تشابكت الأنامل في عناق وحب، ركضا طفلين تحت المطر .. وركضا أيضا .. ارتميا وسط حقول الأزهار، ارخت رأسها على كتفه وجلسا يغتسلان من أحزان المدينة بماء المطر..

بسطت كفيها، للسماء والماء، حتى امتلآ، مدتهما نحو شفتيه، شرب هو ثم ارتشفت ما بقي بين كفيها من ماء، فنمت على شفتيها زهرة بلون الورد وعطر الياسمين، قطفها بغتة وزين بها خصلات شعرها، وعادا إلى السيارة مبتلين تماما..

كان احتفال العاشقين رائعا، باركته الأرض والسماء.. وزخات المطر..

هناك تعليقان (2):

  1. ماذا أقول لك أخي الحبيب أستاذ ناجي، إن من كثرة محبتي لما تكتب قرأت القصة بصوت مرتفع، حتى أتنغم بموسيق الكلمات وهي تنساب كالماء من بين الشفاه.

    قصة أخرى من قصصك الرائعة التي هي فعلا نوع من حديث الروح، هي تخاطب الروح وتخاطب الوجدان.

    اشكرك على هذه القصة لأني عشت معها لحظات غبت فيها عمن حولي.

    دام ابداعك

    ردحذف
  2. عندما نكون في لحظة صفاء نرى الكون بأكمله يشاركنا هذه اللحظة ويسعد معنا ويباركها ايضا
    رائع اخي ناجي

    ردحذف